-->

عن السينما، وحياة ليست كالحياة!

 عن السينما، وحياة ليست كالحياة!
     فى عالم أصبح يعتمد على الصورة والوسائط المتعددة بشكل كبير, يتزايد يوما بعد يوم, هل هناك مجال للتساؤل حول مدى حاجتنا للسينما اليوم أكثر من قبل؟؛ بالطبع لا..

     السينما وان كانت حاويه للفنون جميعا فى متنها, إلا انها تظل فن قائم بذاته. فالسينما تظل سينما ولو لم يكن بها موسيقى أو خفضت الحوار للحد الأدنى. هى فن قائم على الصور ومن ثم فعل "المشاهده" بكل طقوسه..

     يستخدم الفنان الأكاذيب لكشف الحقيقه, بينما يستخدمها السياسى لطمسها, فالسينما وان كانت تبدو كوعاء للقصص والحكايات, ومصنع للأحلام والرغبات الا انها ليست للترفيه والتسليه وان أشتملت عليهم معا..

     عن السينما، وحياة ليست كالحياة!


     خلف حبكة الفيلم, وحكايات أبطاله هناك قيمة ما يريد المخرج إيصالها الى المشاهد, هناك رساله أبلغ وأعمق من ان تصاغ فى سطور قليله. المخرج العبقرى "Quentin Tarantino- كوينتين تارانتينو" سئل يوما –من مراسلة صحفية- عما يريد قوله للجمهور بأحد أفلامه. فقال للصحفيه: لو كنت أستطيع تلخيص الفيلم فى عبارتين لما صنعت الفيلم بالأساس..

     بالطبع أنا أتحدث هنا عن السينما بمعنى كلمه سينما, وليس تلك الأعمال المشوهه التى ينتجها مجتمعنا اللهم إلا فيما ندر. أتحدث عن أعمال "عاطف الطيب" و "محمد خان" و "داود عبد السيد" كمثال لما أقصد وليس السينما بمفهوم "الاستربتيز" التى ينتجها البعض فى مصر.

     السينمائى كمثقف ينظر دوما أبعد من موطئ قدميه, وتنشأ عنده إشكاليه بين ما يراه فى المجتمع وبين الصورة التى يتمناها لهذا المجتمع, لذا فهو يسعى عن طريق السينما لرأب الصدع بين هذا وذاك.

     السينما حاله فريده من نوعها لا تتكرر, فالفيلم الواحد تتعدد تأويلاته بتعدد مشاهديه, فالإسقاط مسئوليه المتلقى كما نعلم, فكل مشاهد تتكون لديه تجربة ورؤيه فريده من نوعها لا يشاركه غيره فيها..

     رغم ان السينما تخطت المائه من عمرها إلا ان أعوامها الأولى لم تمنحها بريقا كما منحتها فى العقدين الماضيين, فثورة التكنولوجيا والإتصالات والمالتى ميديا أعطت السينما أدوات لتحويل الأحلام الى حقيقه مرئيه بأدق وأزهى الألوان والتفاصيل. حقيقه إفتراضيه تأسر المتلقى فيها, ولا تتركه الا وقد نكأت جراحه ودقت ناقوس الخطر فى وعيه وادراكه..

     ثورة الهاى تك بمفهومها الواسع سوف تأخذ السينما خطوات الى الأمام, كاميرات التصوير أصبحت فى كل يد بأحدث الإمكانيات, صار هناك مهرجانات لأفلام المحمول, طبيعى انها لن تغنى عن أفلام السينما الا انها خطوات صغيرة, ربما نشهد فيما بعد فيلم سينمائى كامل بكاميرا الهاتف المحمول..

     بالاضافه الى قنوات التوزيع التقليديه, أصبح هناك مواقع مثل youtube  يمكنك من خلاله إنشاء قناه وبث أفلام أو آى مواد أخرى بل ويسمح لك الموقع بتقاضى مقابل مادى نظير الاعلانات المعروضه مما سيشكل دعم مستقل لأصحاب الماده المعروضه بلا شك..

     تبقى السينما حالة شديدة الثراء والخصوصيه, تأخذنا من ايدينا وتحلق بنا بعيدا كالحلم. "السينما الحقيقيه هى التى تمسكك بمخالبها وتجذبك من الخلف" بتعبير ناقد فنى فى "نيويورك تايمز". كما انها الفن الوحيد تقريبا الذى يستحوذ على كامل حواسك من بصر وسمع وشم أيضا فى بعض السينمات المجهزة لذلك, حيث تنقل لك رائحه البحر لو كان المشهد كذلك..

     تبقى السينما وستظل، روح متمردة لحياة ليست كالحياة.


    حازم سويلم
    @مرسلة بواسطة
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع شاى بلبن .

    إرسال تعليق