-->

أفلاطون وعدم الإنحياز والأحلام

 أفلاطون وعدم الإنحياز والأحلام
     قبل المشاهد الإفتتاحية لفيلم سقوط الصقر الأسود Black Hawk Down تظهر على الشاشة عبارة للفيلسوف الشهير: أفلاطون تقول: فقط الموتى رأوا نهاية الحرب

    Only the dead have seen the end of war.

     بالطبع قرأت انا العبارة معلقا لنفسى ببعض التحذلق: وما الجديد أو المدهش فى هذا؟!، من مات فى الحرب فكأنما انتهت الحرب بالنسبة له.. الرجل مات ولم تعد الحرب تشغله من قريب أو بعيد.. مؤخرا كنت أعيد مشاهدة نفس الفيلم وبالطبع مررت فى طريقى بنفس العبارة لكنها هذه المرة آتت بفهم مغاير بعض الشئ.. 

     أفلاطون وعدم الإنحياز والأحلام


     أعتقد ان أفلاطون كان يقصد ان من منظور معين فالحياة بأكملها "حرب" تخوضها بإرادتك أو مرغما ولن ترى نهايتها، حتى تموت فتنتهى اللعبة بالنسبة لك، ولكنها مستمرة للآخرين.. وما دمت ستخوض الحرب بشكل أو بآخر؛ فلا أقل من ان تخوضها مقاتلا؟!.

     مقاتلا ومدافعا عن كل ما له قيمة فى حياتك، عن كل ما يصنع مغزى للحياة ويجعلها أفضل ولو بنسبة قليلة، حاميا لكل من تحب وما تحب. وهذا ليس ترف، الترف الحقيقى ان تعتقد ان بإمكانك "عدم الإنحياز" أو "الحياد" فى عالم منحاز ومتطرف بكل معنى الكلمة بفعل سلوك ملايين من قاطنيه، ويكفيك ان تنظر حولك لترى مدى صحة كلامى.. فى قول ينسب للعظيم "أينشتاين" ان العالم سيدمر، لكن ليس بسبب من يريدون ويعملوا على هذا.. لا، بل بسبب الصامتين/ المحايدين/ عديمى الإنحياز مثلى ومثلك، الذين يرون كل هذا ولا يتحركون لمنعه وتعديله وتوجيهه نحو الطريق المستقيم.. المحايد فى رأى "على بن أبى طالب" هو شخص لم ينصر الباطل ربما، لكنه بالتأكيد خذل الحق.

     يرى "ألبير كامو" ان أكبر مشكلة فى الحياة، هى انها كان يمكن ان تكون أفضل قليلا.. هذا هو جهد الرجل العادى ان يدفع الحياة نحو الأفضل قليلا، هذا هو كل المطلوب منه، منك ومنى شخصيا. حاصل جمع هذه الإضافات سيكون أكبر من مجموع أجزائها؛ بفعل القيمة المضافة.. ومن نتاج أفعالنا المشتركة سيتولد عالم آخر جديد أفضل، لنا جميعا لكل بنى البشر وكل إنسان.. كل من يستطيع التعال على أفكاره العنصرية التى تفرق بين البشر تحت مسميات الدين، العرق، اللون واللسان..

     فى التدوينة السابقة "المدينة الفاضلة ومشروع فينوس، محاولة للحياة بإنسانية" تكلمت بدون تفصيل عن مشروع قابل للتحقيق بإمكانيات البشر الحالية وفى ضوء صيغة جديدة لإدارة نظم حياتنا، تكفل العيش بإحترام والحصول على فرص متساوية للجميع، تنشئ مدن جديدة بنظم معيشية أكثر ملائمة للبيئة وللإنسان ولكامل كوكب الأرض.. كوكب الأرض الذىى يتسابق الجميع لأحراقه وسط صمت متؤاطى ورهيب من "مدعى الحياد" رغم انه السفينة الوحيدة التى تقل أكثر بقليل من 7 مليارات إنسان، لا يعرفون ولا يملكون بديلا عنه.

     أفلاطون وعدم الإنحياز والأحلام


     البعض يرى هذه الأفكار خيالية وغير قابلة للتحقيق، هذا حقه ولكن أرجو ان يكون هذا رأيه بعد مطالعة بعض الأبحاث والدراسات الموثقة والتى تثبت قابلية تحقيق هذه "الأحلام" وجلبها للواقع، شأن كل أختراع، أبتكار أو حلم بدأ فى عقل صاحبه قبل ان يتحول الى حقيقة ملموسة.. منذ 100 عام كان آى حديث عن الصواريخ أو الهواتف المحمولة أو النانو تكنولوجى سيقابل بتسفيه تام لصاحبه، كالعادة! وهى علامة جودة لم تدحض مطلقا على مر التاريخ.

     ليس تحقق الأحلام وتحول المشروعات الكبرى من أفكار على الورق، الى نماذج مجسدة شئ غريبا أو معجزا على البشر، لقد اختبرنا هذا مرارا وعايناه بأعيننا كثيرا. كل شئ قابل للتحقق بالعمل الجاد والتخطيط والإرادة وبذل الغالى والنفيس، هكذا صنعنا حضارتنا من قبل وهكذا يمكن ان نعيدها سيرتها الأولى.. لابد ان نكون واقعيين؛ ونطالب بالمستحيل. ولا أطلب منك ومن نفسى سوى بذل القدر الضرورى من الجهد للعمل على تحقيق هذا..


    حازم سويلم
    @مرسلة بواسطة
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع شاى بلبن .

    إرسال تعليق